في بعض أنواع السرطان، يُولّد تراكم الخلايا ورمًا سرطانيًا، لكن ليس كل أنواع السرطان تُنتج أورامًا سرطانية، فسرطان الدم مثلًا يصيب خلايا الدم، ونخاع العظام، والجهاز اللـّمفاوي، والطحال، لكن هذا النوع من السرطان لا يُنتج ورمًا.
والانحراف الجيني الأولي ليس سوى بداية عملية تطوّر السرطان، ويعتقد الباحثون أن تطور مرض السرطان يتطلب إحداث عدد من التغييرات في داخل الخلية، تشمل الآتي:
1. عامل مُبادر يؤدي إلى حصول تغيّر جينيّ: أحيانا قد يولد الإنسان مع انحراف جيني مُعين، بينما قد يحدث الانحراف الجيني لدى آخرين نتيجة لقوى فاعلة داخل الجسم مثل: الهورمونات، والفيروسات، والالتهابات المزمنة.
كما يمكن أن يحدث انحراف جيني نتيجة قوى فاعلة خارج الجسم، مثل: الأشعة فوق البنفسجية (Ultraviolet – UV) التي مصدرها أشعة الشمس، أو عوامل مُسَرْطِنة من مواد كيميائية مسبّبة السرطان (Carcinogen) موجودة في البيئة الحياتية.
2. عامل مُساعِد لنمو الخلايا بسرعة: والعوامل المساعدة تستغل الانحرافات والتغيّرات الجينية الناجمة عن العوامل المُبادِرَة، حيث أن العوامل المساعِدَة تجعل الخلايا تنقسم بسرعة أكبر، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تراكم الخلايا كَوَرم سرطاني، ويمكن أن تنتقل العوامل المُساعِدة بالوراثة، ويمكن أن تتكون في داخل الجسم أو أن تصل من الخارج وتدخل إلى الجسم.
3. عامل مُشَجِّع يجعل السرطان أكثر عدوانية ويساعده على التفشّي: بدون العوامل المشجّعة يمكن أن يبقى الورم السرطاني حميدًا ومحدود المكان، لكن العوامل المشجعة تجعل السرطان أكثر عدوانية، وتزيد احتمال اقتحام السرطان للأنسجة القريبة منه وتدميرها، كما تزيد احتمال انتشار السرطان إلى أعضاء أخرى في أنحاء الجسم.
كما هو الحال بالنسبة للعوامل المُبادِرَة والعوامل المُساعِدَة، كذلك العوامل المُشَجِّعة أيضًا يمكن أن تنتقل بالوراثة، أو أن تتكون نتيجة لتأثيرات عوامل بيئية.
وتجب الإشارة هنا إلى أن البنية الجينية ونمط الحياة والبيئة التي نعيش فيها جميعها يمكن أن تشكل أساسًا لتكوّن السرطان أو لإتمام تكوينه إذا كان قد بدأ، فإذا انتقل إلى شخص ما بالوراثة انحراف جيني يزيد من احتمال الإصابة بسرطان معين، فسيكون هذا الشخص معرضًا بدرجة عالية للإصابة بهذا النوع من السرطان أكثر من الأشخاص المعرضين لنفس العامل الذي يمكن أن يسبب السرطان.