* دكتور عارف الحوشبي مدير المركز الوطني التثقيف والاعلام الصحي في وزارة الصحة والسكان.. هل لكم ان تعطونا بداية لمحة عن مرض الكوليرا وانتشاره في اكثر من محافظة ؟
** في البداية نتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة “26 سبتمبر” لمتابعتها فاشية مرض الكوليرا والتي ظهرت مؤخرا في بعض المحافظات اليمنية.
نحن نتحدث عن ما يحصل في المحافظات التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية، اما بالنسبة للمحافظات و المناطق التي تخضع بالقوة لمليشيات جماعة الحوثي الإرهابية فهي لا تعلن عن الحالات، ولا يهمها لا من قريب او بعيد حالة المواطن سواء كان حيا او ميتا لأن شعارها كما هو معلوم هو الموت ولهذا لا يهتمون بالاحياء أكانوا اطفالا او نساء كبارا أو صغارا.
يعود ظهور الموجة الأولى من مرض الكوليرا بالنسبة للمناطق المحررة الى شهر اكتوبر من العام الماضي 2023 عن طريق بعض المهاجرين الغير شرعيين القادمين من القرن الافريقي وتم اكتشاف الحالات في محافظتي أبين وشبوة، ثم ظهرت بعد ذلك بعض الحالات في بعض المحافظات الأخرى والحمد لله تم السيطرة على هذا التفشي ولم يصل الى مرحله الوباء ، حيث اختفت الحالات وكانت في شهر يناير 2024 قريبه من الصفر حاله إيجابية، خصوصا عبر الفحوصات المخبرية، ولكن للأسف في شهر مارس من هذا العام عاودت بعض الحالات بالظهور في عدد من المحافظات وتعتبر امتدادا للموجة الأولى لان وزارة الصحة العامة والسكان لم تعلن انتهاء الفاشية نهائيا، وللمعلوم بانها لازالت تصنف “فاشية” ولا تعد وباء لأنها تظهر كحالات متفرقة ولا تظهر في حي أو منطقة معينة بشكل كبير ضارب لسكان الحي او المنطقة حتى يمكن تصنيفه بالوباء لا سمح الله.
احصائيات
* ماذا عن الاحصائيات الأخيرة لتفشي المرض الكولير على مستوى المحافظات المحررة؟
** لو اخذنا الاحصائيات الشهرية سنجد انه في اخر 30 يوما كان عدد الحالات المبلغ عنها ( 3313 ) حاله من جميع المحافظات وكان النصيب الاكبر من البلاغات في محافظة الضالع بعدد ( 844 ) حالة و ( 703) حاله, ومن لحج (649 ) حالة ومن تعز (400 ) حالة، فيما توزع بقية الارقام على بقية المحافظات.
بالنسبة للحالات الايجابية خلال 30 يوما أي خلال الشهر الماضي (291) حالة ايجابية، منها (142 ) حالة من محافظه تعز وحدها، إضافة الى ( 88 ) حالة من عدن، ومن لحج ( 46 ) ومن الضالع ( 3 ) حالات ايجابية.
لو أخذنا عدد الحالات من تاريخ ظهور الحالة الأولى في 16 أكتوبر 2023م عن طريق المهاجرين غير الشرعيين الى بلادنا من القرن الافريقي بلغ اجمالي الحالات من ذلك الحين وحتى 7 مايو الجاري ( 6146 ) حاله اشتباه مبلغ عنها ونزلت اليها فرق الاستجابة السريعة، وشفي منها حتى 7 مايو الجاري ( 5955 ) حالة فيما بلغت نسبة الوفيات ( 15 ) حالة توزعت على محافظة تعز بعدد ( 8 ) حالات، و( 6) في محافظة عدن بالاضافة الى حالة واحدة من المكلا محافظة حضرموت الساحل .
اما اذا ما وزعناها على مستوى المديريات الأكثر انتشارا، ففي محافظة تعز توزعت على مديريات : “المظفر”، “جبل حبشي” ، “صبر الموادم” ، “المسراخ” ، “مقبنة”، و”مشرعة وحدنان” .
وفي محافظة لحج فتوزعت مابين مديرية “تبن” و”المضاربة” و”ردفان” و”القبيطة” و”المسيمير”.، و”الملاح” . كما كان نصيب محافظة الضالع فقد كانت اكثر انتشارا في مديريات: “قعطبة” و “الازارق” و “الضالع المدينة”، وفي عدن كانت ظهور الحالات في مديريات: “دار سعد” و”الشيخ عثمان” و”البريقة ” و”المنصورة”.
لجنة مشتركة
* ماذا عن جهود الوزارة في المواجهة والحد من الانتشار؟
** لمواجهة الفاشية والحد منها شكلت لجنة من قبل معالي وزير الصحة والسكان الدكتور قاسم بحيبح وبرئاسة وكيل قطاع الرعاية الصحية الأولية الدكتور علي الوليدي هدفها متابعة وتقييم الفاشية بصورة مستمرة ولديها اجتماعات اسبوعية لتقييم الفاشية وتتكون اللجنة من : الترصد الوبائي وادارة الطب العلاجي والمختبرات المركزية والمركز الوطني للإعلام والتثقيف الصحي وصحة البيئة وايضا ادارة البيئة في الوزارة بالإضافة الى بعض الشركاء الرئيسين كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، كذلك الهجرة الدولية لعلاقتها بالمهاجرين الاجانب غير الشرعيين الواصلين من القرن الافريقي وتشمل اللجنة ابضا عدد من الاستشاريين والخبراء وبعض البرامج ذات العلاقة في الوزارة .
جهود توعوية
* وماذا عن الجانب التوعوي؟
** قد تم توجيه تعميم الى مدراء عموم مكاتب الصحة في المحافظات ومدراء التثقيف بتحريك المتطوعين المجتمعيين للتوعية حول أهمية النظافة الصحية بما فيها غسل اليدين وتعريف المواطن بالأوقات الحرجة للغسل التي يجب اتباعها والالتزام بها كغسل اليدين بعد قضاء الحاجة وقبل الأكل، وقبل تحضير الطعام بالنسبة لربات البيوت والطاهين في المطاعم والمقاهي وكذلك الأمهات اللواتي يجب عليهن عسل الثديين واليدين قبل ارضاع الأطفال ،وبعد تغيير الحفاظات للأطفال أو للمرضى الكبار وغسل الفواكه والخضار وعدم التبرز في العراء خاصة بالنسبة لطلاب المدارس التي لا تمتلك حمامات كما تنتشر فيها بيع الوجبات السريعة وهي مكشوفة ومعرضة للبعوض.
كما نعمل في الوزارة على جانب تكريس مفاهيم وآليات مبسطة ومكثفة عن كيفية انتشار المرض والوقاية الصحية منه، وكيفية التصرف اثناء حصول إسهالات مائية سواء من رب الأسرة أو الأم او العمال الصحيين.
* هل وفرت للمركز ميزانية كافية للوصول الى المستهدفين خاصة في الأرياف والمناطق البعيدة؟
** للأسف الشديد نعاني من شحة الامكانيات في المركز الوطني للاعلام والتثقيف الصحي ولم نتلقى أي دعم من أية جهة او منظمة دولية خلال هذا العام، وقد عملنا بمجهودات ذاتية من قبل المتطوعات المجتمعيات وكذلك نشرت عدد من وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة مشكورة للفلاشات التوعوية مجانا سواء عبر المركز أو بدوافع ذاتية.
جاهزية عالية
* كيف تنظرون الى مستوى جاهزية الوزارة لمواجهة هذا المرض بشكل عام؟
** طبعا مستوى الجاهزية نعتبره مرضي وجيد جدا حتى الآن أكان دعم حكومي عبر وزارة الصحة او بدعم مراكز العزل في المحافظات عبر منظمة “الصحة العالمية” ومنظمة” اليونسيف ” والتي لها الأثر الكبير فيما يخص الجوانب العلاجية ، وهذه المراكز المتواجدة في عدد من المحافظات والتي استطعنا من خلالها محاصرة وباء كورونا ” كوفيد 19″ في السابق، ونحن حاليا نستخدمها للتصدي لأي وباء أو فاشية، ولذلك نجد اغلب المحافظات محافظة على جهوزيتها ،فيما البعض كان قد اغلق واعدنا افتتاحه، بسبب حدوث بعض التقصير في بعض المحافظات الا اننا نعمل على استكمال أي نقص، ومع ذلك تبقى عملية الاكتفاء ناقصة خصوصا ونحن في وضع ليس بالمستقر في ظرف حروب وصراعات وعدم وجود ميزانية كافية تمكن الوزارة من القدرة على مواجهة واحتواء اي وباء أو جائحة في اطار البلد اذا انتشر بصوررة كبيرة، لذلك يبقى التنسيق الجيد مع المنظمات الدولية يؤتى ثماره الى حد الأن في احتواء الحالات من خلال علاجها في مراكز العزل المتواجدة في جميع المحافظات المحررة .
الحرب سبب رئيس
* دكتور عارف .. برأيكم لماذا نرى كثير من الأمراض التي كانت بلادنا قد تخلصت منها نهائيا نراها اليوم تعود بقوة كشلل الأطفال والحصىة والسعال الديكي وغيرها من الأمراض ؟
اسباب تدهور النظام الصحي متعددة ولكن أبرزها تأثره المباشر بالحرب التي اشعلها مليشيات جماعة الحوثي الارهابية على اليمنيين منذ عشر سنوات واستهدافها للمرافق الصحية، فالكثير منها وبنسبة أكثر من 40 في المائة من هذه المرافق متوقف اما كليا أو جزئيا من قبل هذه الجماعة الارهابية واصبحت اليوم إما لا تعمل نهائيّا او تعمل بصورة ضعيفة جدا لا تلبي احتياجات المجتمع من الخدمات الصحية المناسبة وايضا كثير من كوادر هذه المستشفيات إما قتلتوا في الحرب او هاجروا الى خارج البلد بسبب الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها على اليمنيين هذه الجماعة الارهابية.
اما الجانب الأخر فيتعلق بالمناطق الخاضعة بالقوة لمليشيات الحوثي الارهابية والتي يمنع الحوثيون فيها تقديم خدمات التحصين خصوصا الحملات الوطنية وهي خط دفاعي اساسي للطفل ضد الأمراض المعدية كشلل الأطفال والحصبة والسعال الديكي والخناق وغيرها من الأمراض المعدية والتي كانت اليمن توشك على اعلان استصال بعضها او خلو اليمن من بعضها نهائيا، ولكن بسب حرب المليشيا ومنعها تقديم الخدمات الصحية الوقائية للمواطنين وكذا عدم رفعها الارقام الصحيحة للحالات المصابة يساعد هذا الامر على تفشي الأمراض ليس فقط داخل مناطق سيطرة المليشيا ولكن للمحافظات المحررة نظرا للتداخل اليومي بين المحافظات اليمنية مجتمعة .
ايضا نجد ان عدد من الآباء والأمهات في مناطق الشرعية يرفضون تحصين اطفالهم نتيجة لبعض الاشاعات غير الصحيحة والمغلوطة، التي تستهدف اللقاحات ما ساعد على عودة ظهور بعض الأمراض التي كانت قد اختفت من بلادنا ونحن هنا وعبر صحيفتكم الكريمة نوجه النداء لكل أب وأم بالتفاعل الايجابي مع فرق التحصين بتلقيح اطفالهم ضد الأمراض وكذلك التحصينات الروتينية المتوفرة في جميع المراكز الصحية.
* ماذا عن موازنة الوزارة؟
** للأسف نجد ان الموازنة الحكومية لوزارة الصحة والسكان لاتزال كما هي من عام 2014 عندما كان سعر الصرف 220 ريال تقريبا للدولار الواحد واليوم الدولار ب 1700 ريال
والموازنة بالريال اليمني ولاتزال هي نفسها دون زيادة ما أدى الى الضعف الصحي بشكل عام.
* كلمة اخيرة تودون قولها؟
** حقيقة نتوجه بالشكر والعرفان لمعالي وزير الصحة والسكان الدكتور قاسم بحيبح، ووكيل قطاع الرعاية الصحية الدكتور علي الوليدي على جهودهم الكبيرة والمتابعة المستمرة لفاشية الكوليرا فهما أكثر الناس اهتماما ومتابعة ورصد للمرض ويعملان بكل تفان من أجل الحد من المرض ومحاصرته والقضاء عليه وتحية لكل عامل صحي اكان اداري او عامل ميداني يساعد في الحد من انتشار اي وباء بين ابناء وطننا الحبيب أينما كان.